الطيور الكواسر

   سباع الطيور هي الكواسر منها، أهمّها النسور والعقبان والرخم والبيزان أو الشواهين والغربان، وهي من الجوارح تصطاد صغار الطير، وتنقضّ أحيانًا على الفراريج والدجاج وتخطفها من مسارحها أمام البيوت. حادّة البصر، ومناسرها أي مناقيرها معقوفة حادّة مسنونة كالسكاكين، ولها مخالب وكلاليب أو أظافر كأظافر الدّيوك، ولكنّها أطول منها وأقوى.

   والنسور والرخم والعقبان كبيرة الحجم قويّة الأجنحة والأبدان؛ وهي لئيمة الطباع، شديدة الحذر، شرهة نهمة، تحبّ أكل الحيوان الميت، فإذا سقطت على الجيفة وتملّأت1، لم تستطع الطيران حتّى تثب وثبات ثمّ تدور حول مسقطها مرارًا. فلا تزال ترفع نفسها طبقة طبقة في الهواء حتّى تدخل تحتها الريح وتدوّم2 في الجوّ.

   وفي الحروب، تتبع هذه الكواسر العساكر، طمعًا في القتلى، وإذا ما انتهت المعركة وحظيت ببعضها، تحجل3 إليها خُزْر4 العيون، متبخترة كما قال الشاعر:

تمشـــي النسـور إليـهـا وهـي لاهية      مشي العـذارى عليهنّ الجلابــيــبُ

   وهي تختار للإقامة أعالي الجبال، وصدوع الصخور، والمواضع الوحشيّة التي لا يألفها الناس. تعمّر طويلًا وهي كريهة اللحوم، مكروهة الأصوات، فبعضها ينقّ كالرخم، والآخر ينعق كالغربان التي يتطيّر منها الناس كأنها نذير شرّ.

                                         يوسف س. نويهض


1 - تملّأت: امتلأت معدتها وشبعت.

2- تدوّم: تدور دون أن تحرّك جناحيها.

3 - تحجل: تتبختر.

4 - خُزر من أخرز وهو من ينظر بمؤخّر عينيه.